المدير المدير
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 458 النقاط : 988 السمعة : 14 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: ۩۩ الباحثات عن السعادة ۩۩ الثلاثاء 13 أكتوبر - 17:16 | |
| ليلى
فتاة من عائلة متوسطة الحال، كانت دوما تتطلع أن تكون غنية تسوق سيارات فارهة وترتدي أفخر الثياب
والدها موظف بسيط في سكة الحديد ووالدتها مساعدة محام صغير
كانت تدعي أمام صويحباتها أن أمها قاضية ، لها أختان وأخ وحيد مريض أغلب الوقت
لم تعترف يوما بطفولتها، كانت تعد الأيام كي تكبر وتنضج سريعا وتتحرر
جمالها ودلالها كانا يشفعان لها كثيرا كسلها وعدم إهتمامها بدروسها، لدى أساتذتها الذكور خاصة
لم تحصل على شهادة الثانوية، لكنها استطاعت اتخاذ صديقات من وسط راق وانغمست في عالمهن
لا أحد يعلم كيف حصلت على منحة للدراسة في مدرسة خاصة لمضيفات الطيران...
ولاكيف اقتنت سيارة فارهة أهدتها لوالدها بعد فترة قصيرة
ثم أرسلت أخاها للعلاج في الغرب،
تغيرت حياة أسرتها جذريا ولم يعودوا يأبهون لجيران الماضي البائس
وأخيرا غادروا الحي الفقير لمكان مجهول
......
مرت بضع سنين، دعتنا يوما رفيقة دراسة لحضور زفافها في ذلك الحي
وقبل أن نلج البيت المهترئ، وقفت سيارة رباعية الدفع لتنزل منها ليلى الأنيقة
تتبعها خادمة أسيوية تحمل طفلا مكتنزا،... وزوج تجاوز الستين...
رقية
عاشت رقية حياة البادية ولم تحصل على أدنى مستوى تعليمي
كان عيبا إرسال الفتيات للدراسة في قريتها
كانت لها أمان، زوجة أب أولى عاقر وأمها الخادمة الصغيرة لربة البيت
ولأن والدها كان جنديا في العسكرية فقد منعه القانون من الزواج بثانية
مما جعله يلحقها وإخوتها بنسب زوجته الأولى ويخفي زواجه العرفي بأمها
لم تستسغ أمها الأمر ولكنه طمأنها وأهداها عقدا من ذهب وقرطين ففرحت ورضيت !!!
ما إن ظهرت على ليلى علامات البلوغ حتى تهافت شباب القرية على خطبتها
كان والدها ميسورا يملك أراضي ومواشي ...
أخذ يختار ويضع شروطا لمن سيهديه إبنته البكر
وأخيرا وقع اختياره على إبن صديق قديم يعمل موظفا بالمدينة، هكذا ستكون ابنته بمأمن من أعمال البادية الشاقة
انتقلت رقية للعيش مع زوجها المتعلم الراقي في نظرها
انبهرت به وبمحيطه الجديد، وتمنت أن تتعلم لتقترب منه وتفهمه أكثر
لم يمنعها من ولوج مدرسة لمحو أمية النساء، بل وكان يصر على إيصالها كل مساء
ويسأل عنها مدرستها الشابة...
مرض والد رقية فجأة فهرعت لزيارته رفقة طفليها ...
تأخر القطار أثناء عودتها...، لتفاجأ بزوجها ومدرستها في غرفة نومها
عادت بها الذاكرة لأمها الباكية وضحكات والدها وزوجته الأولى في غرفتهما
اختبأت حتى غفا العشيقان، ثم أغمدت خنجرا في قلب الفتاة
وضحكت بهستيرية أمام زوجها المصعوق:
-الآن فقط انتقمت لعذابات أمي...
عايدة
صرخت الأم وابنتها في آن واحد،
الأولى من آلام الوضع والثانية من استقبال عالم غريب عن دفء أحشاء أمها
-لقد رزقت بفتاة ثالثة يا أبا محمد، هلا منحتني أجرتي ؟ قالت المولدة ببرود
-متى سيرزقني الله بمحمد ؟ متى ؟
-لقد نسيت إخبارك سيدي، أنصحكم بمراجعة طبيب أطفال ...ابنتك تعاني من تشوه في ساقيها
رفضت الأم أخذ ابنتها للعلاج، بعد أن أكد لها بعض النسوة أن الطب سيضر ابنتها أكثر
ولم يأبه أبو محمد للأمر،
كبرت عايدة وتأخرت في المشي لسن الثالثة، لم تتحسن حالة قدميها
وكانت تعاني من الألم والتعب كلما خرجت للعب مع رفيقاتها
وأخيرا تحت إصرار عمها أذعن والدها ولجأ للطبيب، الذي قرر ببعض الأسف
-لقد تأخرتم كثيرا في علاجها، سنجري لها عدة عمليات جراحية
تستطيع بها المشي رغم أنها ستعاني من العرج طيلة حياتها
........
مرت عشر سنوات، صارت فيها عايدة يافعة فاتنة بربيعها السادس عشر
تأخرت في الدراسة بسبب العلاجات المتتالية، لكنها أصرت على إتمام تعليمها
بل وكانت ذكية متفوقة، تتمنى في قرارة نفسها أن تصبح أستاذة تنير العقول أو طبيبة تخفف عن الآخرين آلامهم
وكان لها ما أرادت رغم أنها أضطرت للسفر لمنطقة نائية لتعمل بها
لم يشفع لها تفوقها ولا ملفها الطبي في العمل في مدينة كبيرة
.....
هي الآن تبلغ الأربعين، وقد أصبحت مديرة لمؤسسة تعليمية عتيدة
لم تحصل على زوج ولا على أطفال، لكنها اقتنعت باستحالة الأمر ...
وكلما سألها أحدهم
-هل أنت سعيدة رغم وحدتك ؟
تجيبه بهدوء ورضا
- ومن قال أني وحيدة ؟ لدي خمسمائة طفل وطفلة كلهم أبنائي !!!
| |
|